في عصر العولمة يتأرجح الشباب بين الأصالة والمعاصرة.~ْ~


إن العولمة مرحلة لا بد أن تليها مرحلة، وأخشى أن تكون هذه المرحلة هي ما يمثل الآثار السلبية للعولمة، والتي نخافها جميعاً أن تهدد ثقافتنا وهويتنا، فتسود الثقافة الغربية الغريبة عن ثقافتنا وهويتنا وتراثنا، لسهولة انتشارها حالياً بفعل التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم.ويمكن تقسيم الشباب تبعاً لتأثرهم بوسائل العولمة التكنولوجية إلى ثلاث فئات، أولها الشباب المتمكن أهله اقتصادياً، والقادر على توفير فرص تعلم جيدة له، وأجهزة تكنولوجية يتدرب عليها ويعمل من خلالها، فهو يجيد استخدامها بمهارة فائقة، مما يسهل له توفير فرص عمل مختلفة.

ولا يتأثر هؤلاء الشباب بما تبثه هذه الأجهزة بما فيها القنوات الفضائية والإنترنيت من أفكار وأحداث، وذلك لاقتراب نمط حياتهم منها. ويمكنني أن أطلق عليهم مفهوم «العرب الغربيين» أو «
Western Arab»، لظهور ازدواجية القيم الشرقية والغربية على سلوكياتهم، مثل نوعية سياراتهم، وموسيقاهم، والأفلام التي يشاهدونها، وعلاقاتهم بالجنس الآخر، وبوالديهم وأسرهم من حيث استقلاليتهم عنها في الكثير من الأمور. وقد يؤدي هذا بهم إلى الانعزال الاجتماعي الاختياري، وقد يضعف هذا ولاءهم لأوطانهم فيؤدي إلى ازدواج الجنسية، والذي قد يؤدي بدوره إلى الهجرة، ولكم أن تتخيل مخاطر ذلك ثقافياً ودينياً! وغالباً لا تبدي هذه الفئة من الشباب أية اهتمامات سياسية، فلا تهزها الأحداث السياسية، ولا تعنيها، وعلى الرغم من ذلك فقد أظهرت المواقف الأخيرة أن لدى هؤلاء حساً وطنياً وقومياً عند الاستماع إلى آرائهم في ما يحدث في العراق واليمن ومصر، وتظاهراتهم إزاءها.
وأما الفئة الثانية من الشباب فيبدو أنها أقل استقلالية عن أسرها، بمعنى أنها أكثر التزاماً بعائلاتها والتصاقاً، وتشمل الشباب القادر أهله على تعليمه في الريف والحضر، ولكنها محدودة العطاء، ولا تزود أبناءها بمهارات إضافية تساعدهم في الولوج إلى سوق العمل. ويبرز أثر العولمة وشيوع قيمها في أن هذه الفئة تقلد الأولى في سلوكياتها أولاً، وما تشاهده على القنوات الفضائية ثانياً، ويساهم ذلك في زعزعة بعض عوامل ثقافتهم، وولوج عناصر من ثقافات أخرى، مثل الزواج العرفي، وارتياد النوادي الرياضية والانخراط في العمل للفتيات، وذلك في أوقات فراغها لتؤمن معيشة أفضل لها ولأبنائها، أو لتتابع دراستها. وأما تأثر هؤلاء الشباب بالإنترنت فهو قليل، لأن استخدامها يشكل عبئاً مالياً عليهم. وبين هذا وذاك، بين الأصالة والمعاصرة، يتأرجح الشباب، ويحاول إيجاد التوازن بين قيم الأجداد وتراثهم، وبين القيم الوافدة والتراث، ويبدو ذلك في بعض مظاهر السلوك، كملابس بعض الفتيات حالياً ممن يرتدين موديلات مختلفة وألوان جذابة للعباءات. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحس الوطني لدى هذه الفئة عال، فالتصاقه بهموم أمته ووطنه واضح جلي في ما يظهره من تعاطف بأشكال مختلفة كالتعبير عن آرائهم بمظاهرات مع ما يحدث من قتل وتشريد لأبناء الأمة العربية وأطفالها ونسائها، وقد يعزى ذلك إلى أن غالبية هؤلاء الشباب من الفئة الوسطى التي لا فائض مدي لديها، وهي تعيش حالة الكفاف، دون الفقر، وتتمسك بثقافتها وتعمل على نشرها مما قد يحدث لدى أبنائها بعض التوتر والصراع للبحث عن الهوية. ويبقى شباب هذه الفئة القوة الفاعلة في منظمات المجتمعات العربية المختلفة مثل منظمات حقوق الإنسان والجمعيات المختلفة، وهم الأهم في المحافظة على التراث الثقافي.
 وثلاث هذه التقسيمات للشباب هي الأكثر فقراً، والخارجة من المناطق الفقيرة وتمثل شباباً غير متعلم، أو بدرجة تعلم متدنية، كالتوجيهي أو أقل. واحتكاك هؤلاء بالتكنولوجيا قليل جداً بسبب عدم تمكنهم مادياً، فتطلعاتهم وآمالهم مستحيلة، وطموحهم وقدراتهم عاجزة، يسرقون الثقافة الدخيلة عبر الإعلام المرئي أو المسموع، إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك. وهم أكثر فئة الشباب بحكم شعورهم بالنقص، والدونية، والحرمان - إذا جاز لنا التعبير- ممارسة لأشكال العنف المختلفة بما فيها عمليات السرقة، والانحراف، بكافة أشكاله، بما فيها تناول المخدرات، والأفلام الإباحية المخلة بالآداب. إن المتمعن في ما ورد، يدرك خطورة ما يمكن أن تحدثه العولمة، سيما وأن متلقيها هم أعلى النسب في المجتمع، وهم القابلون للتغيير، والقادرون على إحداثه، وهم فئة الشباب، أمل الغد، ومستقبله وطموحه. وما ينسحب على الشباب من تأثر بمكونات الثقافة المحلية العربية والوافدة ينسحب على قطاعي الطفولة والكهولة في المجتمع الواحد.
 وعليه، فإنني أرى ضرورة التأقلم مع العولمة والتمشي معها، وفي الوقت نفسه اتخاذ الإجراء اللازم لمنع انسحاق الذات فيها وانجرافها معها مع الحفاظ على أسس ديانتنا السمحة، وثقافتنا المحلية الغالية. والهوية التي يعتز بها المجتمع التي تخصه ويفتخر بها. إن طموحاتنا وأهدافنا التي نسعى لتحقيقها كبيرة وتحتاج إلى تضافر جهد كل واحد منا، وجميعنا مدعوون لدعم ورعاية الشباب واكتشاف طاقاتهم وإمكاناتهم لأنهم الأولى بالرعاية والدعم. وثمة مسؤولية أيضاً تقع على كاهلهم لإظهار قدرتهم على المنافسة والتميز ومعرفة إبداعاتهم التي سترسم ملامح المستقبل للوطن ولأجياله القادمة.

بقلمي وقد نشر في جريدة الجزيرة يوم الأربعاء 5 محرم 1433 هــ العدد14307

0 التعليقات:

نودع أبنائنا في صروح العلم!! وميض فلاش ساهر في مدارسنا!!.

تعكس التربية والتعليم واقع وفلسفة المجتمع وتاريخه ومدى تطوره وطموحاته وآماله، ومن هنا تختلف النظم التعليمية في المجتمعات كلياً أو جزئياً باختلاف الظروف المختلفة، حيث إن لكل نظام تعليمي خصوصيته النابعة من تأثير عوامل متعددة. احتراق مدرسة براعم الوطن أعاد إلى أذهاننا مشهد ذلك اليوم أيضاً في مكة المكرمة من العام 2002 للميلادية إثر احتراق مبنى إحدى المدارس، توفي من توفاهنَّ الله برحمته وكل شيء بقضائه وقدره فلا اعتراض، وبعدها احترقت عدة مدارس للبنات وأصبح هناك وفيات.

علامات استفهام وعلامات تعجب تبرق في ذهني كوميض فلاش ساهر الذي يصطاد المخالفات بسرعة البرق ويضاعف الغرامات بسرعة الصوت! والسؤال الملح كيف بنا ونحن في صروح علم نودع أبناءنا فيها ومن ثم تكون بعض المدارس فيها أسلاك مكشوفة أو أنابيب غاز معرضة للخطر في أي وقت، بينما نجد عوامل السلامة في المدارس ليست سوى خرطوم ماء معلق في الجدار! وطفاية حريق بحجم طفاية الحريق التي تأتي في السيارات! وهي واحدة أو ثلاث في المدرسة ولم يتم تدريب الطلاب أو الطالبات على وسائل السلامة أو سرعة الإخلاء.

لماذا يقظة ساهر لحفظ الأرواح في المركبات لا تطبّق لحفظ أرواح أكبادنا في المدارس! لماذا لا تكلّف مشاريع المدارس الحكومية قبل الخاصة بتمديدات إطفاء الحريق الذاتي التي تطبّق على المحلات التجارية وبأجهزة إنذار مبكر للحريق. حين يشب حريق في إحدى المدارس اليابانية وخلال 5 دقائق فقط يتم السيطرة على الحرائق! وفقاً للإنذار المبكر وهو ما يعرف بمستشعرات الحريق والإطفاء التلقائي، لوجود نظام إنذار إلكتروني في مركز الإطفاء ينبّه رجال الدفاع المدني لأي حريق في أي مدرسة وموقعها!


أتمنى بجانب تطورنا في نظام ساهر أن نطور أنفسنا في أنظمة إنذار مبكر للحريق على الأقل في مدارسنا! ليصطاد المخالفات في المدارس الحكومية والأهلية ويضاعف الغرامات 1000 مرة أو بعدد الأرواح المتواجدة في المدرسة التي يعرضها الفساد للخطر! فمن اللازم أن يفتح تحقيق موسع ليشمل كافة الأقطاب المعنية قبل أن يتبادل المسؤولون اللوم ويتراشقوا بالتهم ويتملص الكل من مسؤوليته، فالدفاع المدني سيجد ألف حجة، فأين الدفاع المدني من جولاته التفقدية!
أين دور القسم الهندسي بوزارة التربية والتعليم من متابعة وسائل السلامة!؟
 ودور صاحب المدرسة - أي مدرسة - عن مستويات السلامة في مدرسته!؟

 مللنا من الهروب ونحتاج حقًا لمن يضع النقاط على الحروف!

 بقلمي وقد نٌشر في جريدة الجزيرة يوم الثلاثاء 11 محرم 1433 العدد14313

0 التعليقات:

استراحة المسنين !! وجلسة المسن!.!

لا تختلف المملكة عن بقية الدول الأعضاء في الخليج العربي، حيث إن رعاية المسنين فيها تجد العديد من البرامج المختلفة سواء من وزارة الصحة أو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والقطاع الأهلي من خلال الجمعيات الخيرية أو رجال الأعمال، مثل مركز الأمير سلمان الاجتماعي الذي يهدف أصلاً لتقديم العديد من النشاطات للمسنين، أو على المستوى الصحي، فإن وزارة الصحة تقدم الرعاية والعناية للمسنين من خلال الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات العامة والتخصصية، ومراكز التأهيل ومستشفيات النقاهة.
وانطلاقاً من الإيمان الكامل بأهمية مواصلة وتطوير رعاية هؤلاء الآباء (المسنين) الذين بني على كاهلهم تطوير ومجد هذه البلاد المباركة، فإنني آمل أن يتم إيجاد إدارة في وزارة الصحة تعتني ببرامج وخطط المسنين، وإنشاء لجنة وطنية تعني بالمسنين يمكن من خلالها وضع برنامج الوحدة المتنقلة المجانية والذي يقوم على الزيارات المنزلية من قبل نخبة من الممرضين والممرضات لصحة المجتمع، لتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية لهم، ومتابعة حالاتهم، وفتح الباب لشبابنا لخوض تجربة إلتقاء وتقارب الأجيال والاستفادة من خبراتهم بالتنمية وخصوصاً المنتجين منهم وخلق أجواء الالتحام المجتمعي في أرقى صوره تحت مسمى «استراحة الشواب» أو «جليس المسن»!.

وعلى الجميع العمل بكل جد لمواجهة التزايد في أعداد المسنين والذين نتوقع زيادتهم بمعدلات مرتفعة للسنوات القادمة، حيث إنه يجب عمل البرامج المتخصصة لهم من خلال إدخال مفاهيم طب الشيخوخة في كليات الطب والعمل على تأهيل القوى الوطنية الواعية وتدريبها للقيام برعاية الآباء والأمهات مع إيماننا الأكيد بأهمية توثيق عرى القاعدة العائلة لرعاية المسنين داخل أسرهم وبين ذويهم انطلاقاً من عاداتنا وتقاليدنا بل تمشياً مع توجيهات ديننا الحنيف.
بقلمي وقد نشر في جريدة الجزيرة يوم الجمعة 28 محرم 1433هــ العدد 14330

0 التعليقات:

آمال ترفع أسهم التعليم العالي~ْ~

تولي الدول والحكومة للتعليم الجامعي أهمية خاصة، لكونه أساسا في تحقيق التنمية الشاملة التي هي هدف تعمل من أجله أملاً في تحقيق مستقبل أفضل لشعبها.

فمن الطبيعي والحال أن ننظر إلى التعليم العالي بجامعاته ومؤسساته التعليمية الأخرى نظرة متأنية فاحصة لمعرفة إيجابيات المراحل الماضية وسلبياتها، وذلك من خلال القيام بتقويم دقيق لمدخلات التعليم العالي، ومخرجاته للتعرف على مقدار الاستثمار الذي وضع فيه، وهل تتفق النتائج التي تحققت مع مقدار هذا الاستثمار أم لا؟؟ فالتعليم العالي ليس هدفاً للأفراد فقط لتطوير معلوماتهم وتحسين مهاراتهم، وتحقيق الحراك الاجتماعي الذي يرفعهم أعلى في الكفاءة والجودة المقدمة، سنجد أن طلابنا قد تخرجوا من مؤسسات التعليم العالي وهم مازالوا يحتاجون إلى تجديد معلوماتهم في مجالات كثيرة! أهمها مجال التخصص الدقيق، وهذا ما يحدث الآن (يعني الكارثة!) المقصود أن يكون هناك مرونة وتفاعل من مؤسسات التعليم العالي مع الجديد تقنياً واجتماعياً بالقدر الذي لا يؤثر على الثوابت في المجتمع.

وحتى لا نضطر مستقبلاً إلى إعداد برامج إلحاقية لتأهيل خريجي التعليم العالي في المواقع التي يحتاجها المجتمع، مع إيجاد جهاز لمتابعة القرارات المالية والمبالغ الضخمة التي يمنحها الملك عبدالله - شفاه الله وأدام عطاءه- إضافة إلى الميزانية المعتمدة سنويًا للتعليم العالي!؟

فإن هناك الكثير من الآمال والطموحات التي لا يزال التعليم العالي بحاجة إلى تحقيقها، وهذا الطموح هو ما يرفع أسهم التعليم العالي ويجعله فعلاً مسؤولاً ومقوماً لمسيرة التعليم العالي.

والتحديات القائمة للتعليم العالي لا ترتكز فقط على مقدار ما يمكن أن يستوعبه التعليم العالي من خريجي الثانوية العامة، ولكن التحدي القادم هو نوعية التخصصات التي على التعليم العالي أن يتوسع فيها ونوعية الطلاب المقبولين في هذه التخصصات، وأين يذهب الخريجون؟؟ ويا ترى ما هي اتجاهات الطلب الاجتماعي على التعليم العالي بالمملكة مستقبلاً!


ونقطة أخرى جديرة بالذكر هنا، وهو أن عصر المعلومات، والتسارع التقني أن يضع مؤسسات التعليم العالي أمام تحدٍ جديد لا بد وأن تتجاوب معه بالقدر الكافي، وما لم تزل مؤسسات التعليم العالي وقد أفادت من هذه التقنية المتقدمة لتحقيق مستويات من مستوى اجتماعي إلى مستوى آخر، ولكنه أولاً وأخيراً هدف وطني يسعى إلى الارتقاء بمستوى التعليم في المجتمع وباتجاه المعرفة والنهوض بأبناء المجتمع.
  
بقلمي وقد نشر بجريدة الجزيرة يوم الثلاثاء12 ذي الحجة عام 1432هــ

 العدد 14285

0 التعليقات:

قارورة ماء! وعمالة طفل!


عندما يرتفع الفقر في سعته وعمقه ولا عدالته تكون الحتمية الاجتماعية تقريباً مطلقة. فالطفل يكون مجبرا على العمل ليساعد الأسرة على العيش، وهذا العمل سيكون حتما مرهونا بتخليه عن المدرسة من مدخل الأولويات. وهنا تظهر عالمية الفقر بمستوى عالمية هذه الظاهرة - عمل الأطفال- التي لا يمكن أن تختلف أسبابها ومظاهرها في كثير من الأقطار، وتظهر بالموازاة مع ذلك ضرورة إيجاد مخارج اقتصادية عملية لظاهرة الفقر، لأن آثارها لا تتوقف عند حدود الجوع والمرض، وإنما تتعدى ذلك إلى جدل فلسفي قائم هو»أكون أو لا أكون»، وهنا تقع فعلا المشكلة في طبيعة هذه الكينونة في ضوء إقصاءات العوز اللامتناهية.
فإن عمل الأطفال هو حاضر بصفة أكثر عند البلدان النامية، وبصفة خاصة عند الطبقات الفقيرة في المجتمع. والأمثلة كثيرة وثرية جداً حول أطفال ذكور دخلوا ميدان العمل، فكم من الأطفال العمال الذين نلقاهم في حياتنا اليومية، أحدهم يسرع بمنديله وقارورة الماء إلى سيارتك، والآخر يتخذ من طاولة «العصائر والغازيات» محلا لتجارته، وفريق آخر يقف على حافة الطرق الرئيسية ليبيعك تارة عطراً وتارة أخرى لعبة صغيرة... بأجساد ضعيفة نحيلة، وهذا ما تراه أعيننا ولعل ما خفي هو أعظم ! فالحديث عن عمل الأطفال أصبح يتجاوز الجدل القائم حول حقوق الإنسان إلى حقائق واقعية تنطق عن ممارسات فعلية لا يمكننا تجاهلها لأنها ستأتينا لنلاحظها حتى وإن لم نقرر نحن أنفسنا ذلك! وتختلف الصور التي يظهر عليها عمل الأطفال،فمنهم من يعمل داخل البيت مع الأسرة، أو في مؤسسات صغيرة عموماً أو أخيراً في الشارع، وتجدر الإشارة هنا إلى أن النتائج الخطيرة حول الصحة ومستقبل الأطفال الفقراء هي مسجلة أكثر عندما يعمل الأطفال في الشارع.

إن الأطفال العاملين هم في كثير من الأحيان قد تخلت عنهم أسرهم كما أن ظروف حياتهم أكثر قساوة وبعيداً عن الدفء الوالدي فإن هؤلاء الأطفال يتعرضون في كثير من الأحيان إلى أحداث تخرب شخصيتهم بسبب تسلط الكبار، ولعل وضعهم يتسجل في إطار العبودية!


إن وضعية عمل الأطفال هي من أعقد مظاهر الفقر جميعها، فالطفل يغادر تماماً المدرسة في سن مبكرة، حيث يجد نفسه يومياً مضطراً لتدبر قوت يومه من أجل العيش، وهو بهذا الوضع سيدخل في حلقة العمل أين تفرض عليه منافسة الكبار بقوة، ليجد نفسه مرة أخرى مضطرا للاندماج في لعبة العمل داخل محيط الشارع مع كل ما تحمله من مخاطر، ومن أجل أن يعيش دائما يجد نفسه يبحث عن إقامة توازنات تسمح له بتخفيف الضغط عليه من خلال اللجوء إلى المخدرات، وإن اقتضى الأمر أيضا الدخول عالم العنف والإجرام!



بقلمي وقد نشر في جريدة الجزيرة الاثنين 26 من شهر ذو القعدة عام 1432هـ العدد 14270

0 التعليقات:

أرقام فلكية في المدارس الأهلية!.!.!


لا ندري بالتحديد ما طبيعة النوايا التي تقف وراءها المدارس الأهلية لرفع الرسوم الدراسية والتي تمثل هاجسًا تقلق المجتمع، خصوصًا للأسر التي لديها مجموعة من الأبناء الملتحقين بهذه المدارس، فهناك عدد لا بأس به من المدارس مازالت تحتفظ بطابعها التجاري الربحي البحت رغم أن التعليم مهمة سامية لا يمكن العبث بها، وما قامت به عدد من المدارس الخاصة من خطوات فعلية لرفع رسومها سواء كان هذا الرفع بطرق مباشرة أو بطرق غير مباشرة (مثل رفع رسوم التسجيل أو استحداث بنود لرسوم جديدة. إلخ)، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار الذي يعانيه المواطن السعودي لا يحتمل أيّ تكاليف مالية جديدة، كما أنه لا يمكن الاستمرار في الرهان على سلبية المواطن، خاصة في ظل ما تمر به المنطقة العربية من أحداث.
ويبدو أن أصحاب المدارس الخاصة قد راق لهم أن يبقوا دون رقيب أو حسيب حتى وإن كانت هذه الرقابة شكلية ولا تؤثر على مصالحهم المالية!!.. خاصة أن النظام الذي يدير شئون المؤسسات التعليمية الخاصة في المملكة، لم يرسم مساراً ومعايير منظمة للرسوم الدراسية؛ مما جعل هذا النظام ذريعة لأصحاب المدارس الخاصة من أجل المزيد من الارتفاع في رسومها والتي قد تصل إلى رقم فلكي، وأعلى من رسوم أكثر المدارس الخاصة غلاءً بأضعاف، الأمر الذي يتيح لهذه المدارس رفع رسومها بنسب خيالية وبغطاء قانوني حكومي (فهل يستقيم الظل والعود أعوج!!)..

إن وزارة التربية والتعليم هي الجهة الرئيسية التي تتحمل مسؤولية أيّ رفع قادم للرسوم المدرسية، وأن استمرار الصمت الحكومي أدى إلى استفراد المدارس الخاصة بالمواطنين، كما أدى إلى شعور هذه المدارس بأنها أكبر من أن تتم محاسبتها.
على الوزارة أن تسعى لتصنيف المدارس وفقاً لمستوى الخدمات التعليمية المقدمة، وإعطاء هذه المدارس التصاريح بالعمل من خلال استيفاء المقاييس الموضوعة من قبل وزارة التربية والتعليم، وأن تتأخذ إجراء شجاعاً ويبت في هذه المدارس لإدارة استثمارات القطاع بشكل مؤسساتي مع وضع تصنيف محدد للمدارس ومتابعة قوائمها المالية بشكل يستفيد منه أولياء الأمور، وأيضاً لها الحق في التدخل بهذا الشأن ووضعحدٍّ معيّن للرسوم وإلا ستصبح مثل سوق الخضار!!.

 
كما أطالب وزارة التربية والتعليم باتخاذ قرار عاجل بالتعميم على كافة المدارس الخاصة بمنع أيّ رفع مرتقب للرسوم المدرسية، والعمل على إصدار نظام للمدارس الخاصة يعمل على حماية المواطنين من تغوّل أصحاب المدارس الخاصة.
بقلمي وقد نشرٌ في جريدة الجزيرة يوم الجمعة 15 ذو الحجة عام1432هــ العدد14288

0 التعليقات:

الهوية الوطنية والثقافة المحلية نحو الغروب والأفول!.!؟!

العولمة موضوع واسع، متشعِّب، معقَّد، طُرح منذ زمن، ولا يزال يُطرح، تُكتب فيه الأفكار والآراء، وتتم فيه المناقشات المستفيضة، علَّ وعسى أن يلملم الموضوع، ويحدَّد، ويُتفق فيه على الأساسيات، وتظهر فيه بصمات العلماء العرب وآراؤهم، في محاولة لإبراز دورهم دون انسحاق، وتهميش، فقد فتح العرب الباب على مصراعيه منذ الأزل لثقافات الأمم المختلفة، فأخذوا منها، ونقحوا, وطوّروا، وأضافوا الكثير من إبداعات العلم والأدب الذي جعلهم منارة لغيرهم من الأمم على مر العصور، فقد أشعلوا سراجهم من قناديل الفرس والهنود ونهلوا من ينابيع اليونان فأصبحوا منارات علم وأدب، حيث أنعشوا الثقافات السابقة وبعثوها من جديد، وبقالب عالمي جديد مناسب لعصرهم، بعد أن أغنوها بثمرات إضافاتهم القيّمة.
 فأين هم من ذلك كله الآن؟

إن هجمة الثقافة المعولمة تتم بآليات مختلفة منها ظهور الثقافة الوطنية والقومية بصورة مهزوزة، وضعيفة، بسبب الانقسامات الداخلية والخلافات والتفكك، وظهور الشروخ الحضارية المختلفة فيها لأسباب مختلفة منها ضعف الإعلام الوطني، وقوة الإعلام الغربي، وضعف الإيمان بالثقافة الوطنية والثقة بها، والانبهار بمكونات الثقافة الغربية، بسبب إظهارها بمظهر إيجابي قد يغاير الواقع، وانبهار صغار السن ممن يرحلون لغايات الدراسة أو التجارة وغيرها، بالحرية التي يمنحها الغرب لهم، ولأسباب أخرى عديدة، مما يظهر الثقافة الغربية وكأنها المنقذ للإنسانية، والمرتقي بها إلى أعلى المستويات، محققة العدالة الاجتماعية.
أما الآلية الثانية لبناء تيار ثقافة العولمة فتكون من خلال ذوبان الثقافة الوطنية والقومية تحت تأثير ثقافة العولمة، واجتياحها بحيث تفقد الثقافة الوطنية أبرز خصائصها ومقوماتها، وهنا تكمن الخطورة، وبحيث تصبح ماضياً قد يندثر، وقد يتم تذكره فقط دون ممارسته فعلياً، مما يجعله ينطوي تحت لواء العولمة، وينسحق بها ولا يكون مرشداً لها ورائداً، بحيث تبدأ ثقافة الشعوب بالاندثار، واستبدالها بثقافة العولمة..
 والسؤال المطروح هنا: لمصلحة من هذا الاستبدال؟
ويلاحظ أن ثقافة العولمة، وبالأخص الجانب الثقافي منها وهو ما يطلق عليه مفهوم «العولمة الثقافية»، قد أصبحت قوة لها خصائص الانتخاب والانتشار، فقد دخلت إلى كل مجتمع عبر وسائل الإعلام المختلفة والاتصال، وانتخب منها أفضل الموجود في ثقافات الأمم والشعوب فأصبحت انتقائية، تضم النخبة والأفضل، وهي منفتحة على أنحاء العالم المختلفة، الغني والفقير، الثالث والمتقدم، لا تحدها حدود، ولا يمنعها عائق، فأي حدث ثقافي يحصل في مكان معين في العالم، تجده قد وصل إلى الأمكنة الأخرى، وكنتيجة حتمية فإنه يصعب مقاومتها، ولا بد من قبولها كحقيقة واقعة توحّد بين الاتجاهات المختلفة، والآراء، ولكن مرة أخرى، وبوعيٍ متوقع لا بد لنا من أن نتساءل:
لمصلحة من هذا القبول؟
 وكيف لنا أن نحافظ على هويتنا الوطنية وعناصر ثقافتنا دون أن تسير نحو الغروب والأفول؟!!
بقلمي وقد نشر بجريدة الجزيرة يوم الأحد 9 محرم العدد 14311

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الحقوق محفوظه محلقةٌ نحو القمم ~ْ~ وفاء العجمي~ْ~           تعريب مدونة البلوقر